الاندية الشعبية تواصل الاندثار وعلى الدولة ازالة معوقات الاستثمار لزيادة مواردها وسيد البلد يحتاج نظرة عاجلة
بقلم جمال فرغلى الشندويلى
ضرورة تضافر الجهود لإنقاذ الأندية الشعبية من الاندثار.. الاتحاد السكندري نموذجًا
في الوقت الذي تشهد فيه الرياضة المصرية تطورًا ملحوظًا على صعيد البنية التحتية والاستثمار الرياضي، تقف الأندية الشعبية العريقة على حافة الخطر، مهددة بالاندثار بسبب التحديات الاقتصادية الخانقة. أندية مثل الاتحاد السكندري، الإسماعيلي، والمصري البورسعيدي تمثل ركيزة أساسية في وجدان الشارع المصري، ليس فقط بتاريخها الطويل وإنجازاتها، بل بكونها حاضنة لآلاف الشباب من مختلف الطبقات، ومصدر فخر لجماهيرها العريضة.
غير أن الواقع المالي لهذه الأندية أصبح لا يُحتمل، ففي نادي الاتحاد السكندري - "سيد البلد" كما يلقبه عشاقه - تمارس ما يقرب من عشرين لعبة رياضية، ما بين كرة القدم، وكرة السلة، والطائرة، والألعاب الفردية، وهو ما يضع عبئًا ماليًا ضخمًا على النادي. بينما تبلغ إيرادات النادي السنوية أقل من 100 مليون جنيه، فإن مصروفاته تتجاوز حاجز الـ200 مليون جنيه، ما يعني وجود عجز مالي يتخطى 100 مليون جنيه سنويًا. هذا العجز يتكفل الجزء الأكبر منه رئيس النادي الأستاذ محمد مصيلحي عبر سنوات طويلة و، بدعم من نائب الرئيس الأستاذ أحمد عبد المجيد، وعضوي المجلس الأستاذ محمد سلامة والأستاذ محمد خميس، وهم رجال أعمال حملوا على عاتقهم مسؤولية الإبقاء على الكيان حيًا، رغم التحديات والضغوط.
لكن من غير المنطقي أو العادل أن يُترك مصير هذه القلاع الرياضية رهينًا للجهود الفردية أو المبادرات الشخصية. الدولة مطالبة اليوم، وبشكل عاجل، بوضع خطة استراتيجية لإنقاذ الأندية الشعبية، تبدأ من القفز فوق الروتين العقيم الذي يعطل الاستثمارات، وتعديل اللوائح التي تُقيد مجالس الإدارات وتُحجم فرص التطوير.
ينبغي فتح الأبواب أمام رجال الأعمال والمستثمرين للمساهمة الفاعلة في هذه الأندية، عبر حوافز استثمارية وتشريعات مرنة تُراعي خصوصية الأندية الجماهيرية. كما يجب دراسة إمكانية تخصيص أراضٍ بنظام حق الانتفاع لإقامة مشروعات تجارية ورياضية تُدر دخلًا ثابتًا، وتُسهم في تقليص العجز السنوي، بل وتحقيق فوائض تُعاد استثمارها في تطوير الفرق والمنشآت.
ليس من المقبول أن تعاني أندية بحجم الاتحاد السكندري من أزمات مالية مزمنة، وهي التي لطالما قدّمت أبطالًا في شتى الألعاب، وساهمت في رفع اسم مصر في المحافل المحلية والقارية. ولعل النموذج السكندري خير مثال على ما يمكن تحقيقه إذا ما توفرت الإرادة والدعم، فمجلس الإدارة الحالي يواصل العمل رغم قلة الموارد، ويحقق نجاحات في أكثر من لعبة، ولكن الاستمرارية تتطلب تدخلًا رسميًا واحتضانًا حكوميًا حقيقيًا.
إنقاذ الأندية الشعبية ليس رفاهية، بل ضرورة وطنية وثقافية واجتماعية، ويجب أن يكون جزءًا من استراتيجية الدولة لبناء الإنسان المصري، وتحقيق العدالة الرياضية، وضمان بقاء هذه المؤسسات التي تربط الماضي بالحاضر والمستقبل. فهل تتحرك الجهات المعنية قبل فوات الأوان

تعليقات
إرسال تعليق